مضى زمن كنا فيه نضرب المثل بالرئيس التركى رجب طيب أردوغان، فى القدرة على تحقيق معدلات تنمية ظلت محل إعجاب فى المنطقة لسنوات!.. ثم جاء زمن آخر أصبح مدعواً فيه للذهاب إلى طبيب نفسى يعالجه من هلاوس كثيرة تؤرقه!.
طبيب نفسي يعالجه!
أما صاحب الدعوة فهو السياسى الفلسطينى محمد دحلان، الذى كان قائداً للأمن فى غزة، والذى رصد أردوغان ٧٠٠ ألف دولار لمن يساعد فى القبض عليه، لا لشىء إلا لأنه متهم.. فى نظر الرئيس التركى طبعاً.. بالمشاركة فى الانقلاب العسكرى، الذى وقع فى تركيا منتصف ٢٠١٦ واستهدف أردوغان، لولا أنه نجا منه فى اللحظات الأخيرة بمعجزة من السماء!.
وكان سليمان صويهلو، وزير الداخلية التركى، قد أعلن عن قيمة المكافأة، وقال إن وزارته ستضع دحلان على قائمة الإرهابيين المطلوبين!.
ولكن القيادى الفلسطينى استقبل الأمر بهدوء، داعياً رئيس تركيا إلى استغلال المبلغ فى زيارة طبيب نفسى، لعله يشفيه مما أصاب عقله فى السنوات الأخيرة، فجعله يتخبط فى كل اتجاه داخل بلاده وخارجها كمن أصابه مسّ من الشيطان!.
والذين يتابعون سياسات أردوغان فى فترة ما بعد محاولة الانقلاب سوف يلاحظون بالضرورة أنه يظهر فى صورة تقول إنه فى أشد الحاجة إلى علاج!.. فهو يبدو كمن فقد صوابه، وهو يفعل الشىء ونقيضه، وهو ينقلب على أصدقاء الأمس، إذا لم يجد أحداً ينقلب عليه، وهو مرة يهرول نحو موسكو، ليمارس نوعاً من الكيد السياسى مع الأمريكان، وهو مرة ثانية يدق باب ترامب فيتم قذف موكبه فى واشنطن بالبيض والطماطم!.
وهو يفقد أرضيته فى الداخل قبل أن يفقد حلفاءه فى الخارج.. وعندما رشح رئيس وزرائه السابق بن على يلدريم على رأس بلدية مدينة إسطنبول، فإن مرشحه خسر بالثلاثة، رغم أن صورهما معاً كانت تملأ شوارع المدينة على سبيل الدعاية للمرشح الساقط!.
ولم يصدق أن مرشحه خسر من أول جولة، فدعا إلى إعادة الانتخابات وواصل الضغوط على لجنة الانتخابات من أجل الإعادة، فلما استجابت اللجنة وأعادت الاقتراع للمرة الثانية سقط بن على يلدريم كما سقط فى الجولة الأولى وأكثر!.
وبلغ من جنون الرجل هذه الأيام أنه راح يدعو إلى تقسيم الحدود البحرية بينه وبين ليبيا، رغم أنه لا سواحل مشتركة له مع الدولة الليبية على الإطلاق.. إنها دعوة مضحكة أكثر منها أى شىء آخر، ولذلك بدت فى سياقها من أغرب الدعوات، وبدا صاحبها فى حاجة لزيارة الدكتور أحمد عكاشة!.