*) الإسراف في الصدقة وترك العيال عالة يتكففون الناس أعطوهم أو منعوهم، وحدُّها المنضبط الثلث قياسًا على الوصية، أو طبقًا لرواية مسلم حديثَ سعد.
*) الإسراف في المأكل والمشرب والزينة، وحدُّها المنضبط الاستمتاع بها بشروطها وآدابها المفصلة في السنة المشرفة.
*) الإسراف في الذنوب، وهذا بارتكاب الكبائر من أنواع ذنوب فرعون وآله وقوم لوط، والتمادي في الصغائر والإصرار عليها. وقد تظاهرت على ذلك آيات الكتاب الحكيم. وتناول الحرام من هذا القبيل.
*) تحريم الحلال، وهو منافٍ لحد الزهد المعلوم من حال الأنبياء والصالحين؛ كتحريم نوع بعينه قياسًا على فعل إسرائيل S ولا يجوز في شريعتنا، أو تحريم الشبع، أو تحريم أكل كل ما يشتهى بناءً على أحاديث واهية، أو فهمًا لأحاديث ثابتة فهمًا واهيًا. وإنما إن ترك بعض ما يشتهي -لا كلَّه- طلبًا لما عند الله أو تأديبًا لنفسه؛ فلا أرى بذلك بأسًا، ولو أكل وشكر كان أفضل أو مساويًا له، والله أعلم.
*) الإنفاق من حرام؛ فإن الله طيِّب لا يقبل إلا طيبًا، وفاعل ذلك موزور بكسبه من حرام وغير مأجور على إنفاقه. *) التقتير.
11- المانع الحادي عشر: قطيعة الأرحام، وخلاصته:
أن من موانع حصول محبَّة العلي الكبير سبحانه قطيعة الأرحام؛ بل هي في المرتبة الثانية بعد الكفر بالله تعالى، والعكس بالعكس؛ فصلة الأرحام متضمنة بر الوالدين ثاني أسباب محبة الله تعالى عبدَه الواصل البار، وذلك بعد الإيمان به سبحانه، أو على الأقل ثالث الأسباب بعد الصلاة على مواقيتها.
12- المانع الثاني عشر: الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف، وخلاصته:
أن الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف شرُّ الشرور، وأحد أخطر موانع حصول محبة الله عبادَه، ومرتبته في الموانع الثالثُ بعد الكفر وقطيعة الرحم، وهنا لفتة في كتاب ربنا الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ولا يُضرب بعضُه ببعض.
فقد قال تعالى: ﴿فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ ﴾ [محمد: ٢٢]، وقال تعالى: ﴿الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِأَقَامُواالصَّلَاةَوَآتَوُاالزَّكَاةَوَأَمَرُوابِالْمَعْرُوفِوَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ ۗ وَلِلَّهِعَاقِبَةُ الْأُمُورِ ﴾ [الحج: ٤١]؛ فعلَّق سبحانه التمكين في الأرض على إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومنع من ذلك من إذا تولَّى أفسد في الأرض وقطع الرحم. فإذا كانت الصلاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أوليات أسباب تحصيل محبته سبحانه؛ كانت قطيعة الرحم والأمر بالمنكر والنهي عن المعروف من أوليات موانع حصول محبته لفاعلي ذلك، والله تعالى أعلم.
13- المانع الثالث عشر: موبقات الأسواق، وخلاصته:
أن أبغض بلاد الله تعالى إليه أسواقها؛ لما يروج فيها وبسببها من ربًا وغشٍّ وخداع، وأيمان كاذبة، وإخلاف للوعد، وإعراض عن ذكر الله تعالى وعن الصلاة.
والخلاصة: أنه إذا أعدنا النظر في هذه الموانع لتنسيقها؛ تمخَّض الأمر عن جملة هذه الكفريات والرذائل:
*) عموم الكفر؛ أيًّا كان نوعه وشكله. وخاصة الكفر الأكبر.
*) التولي والإعراض عن طاعة الله D وطاعة رسوله ﷺ.
*) الشرك بالله. والشرك الأصغر (الرياء). *) إنكار وحدانيَّة الله.
*) الاستكبار على الله.. على توحيده وخلع ما دونه من الأنداد، والاستكبار عن عبادته تعالى.
*) الاعتداء على حق الله تعالى في الدعاء؛ بقطعه، أو دعائه بما لا يجوز، أو إساءة أدبه، أو دعائه على النفس والولد والمال، أو تعجل الإجابة، أو عدم العزم، أو استعجال العقوبة في الدنيا، أو الدعاء بالموت، أو التشدق والدعاء بتفصيلات لا تجوز، أو الدعاء في الشدة دون الرخاء أو الرخاء دون الشدة، أو دعاء غير الله.
*) الكفر باليوم الآخر، وإنكار الأنباء الواردة عنه في الشرع الموحى به.
*) كره لقاء الله، وما يؤدي لذلك من الذنوب. *) الاستكبار عن الاستجابة للأنبياء -عليهم السلام-.
*) كفر النعمة، وكتمانها وإخفاؤها، والانشغال بها عن منعمهما سبحانه. والبطر بها.
*) النفاق أيًّا كان نوعه، وخاصة النفاق الأكبر (الاعتقادي).
*) استحلال الربا. وأكله والتعامل به، وخاصة إذا أصر المرابي عليه وزيَّنه لغيره.
*) القتل غدرًا وخيانة بعد إعطاء الأمان. وخاصة قتل المعاهد والآمن والمستأمن، ومن في معناهم ممن حرم الله دماءهم. والاعتداء على المؤمَّنين والمعاهدين غير المعتدين حال غفلتهم.
*) اقتراف الكبائر؛ كالسرقة، واتهام البريء بها؛ خاصة إذا تكررت وتطوَّرت.
*) الخيانة أيًّا كان نوعها، وخاصة إذا كانت صفة ملازمة تتكرر ممن يأتيها، أو كانت خيانة في أمر كبير.
*) الأثيمية كصفة لازمة، والانهماك في الآثام مع الإصرار عليها.
*) البخل والتقتير، وحث الناس عليه. وخاصة بخل الغني، وكذا منُّه بصدقته، وظلمه غيره بأخذ حقه أو منعه بالغش والربا ونحوهما.
*) الإسراف في الذنوب من ارتكاب للكبائر وإصرار على الصغائر، والإسراف في المأكل والمشرب والزينة، والإسراف في الصدقة وترك العيال عالة. والإنفاق من حرام.
*) الفرح المحرم. والاختيال والفخر؛ بتصعير الخد للناس واحتقارهم، والاستكبار على المساكين، والإعجاب بالنفس، والمشي في الأرض مرحًا. ويُخص اختيال الفقير، والتشدق والتفاصح، وإسبال الإزار خاصة في الصلاة.
*) القنوط من رحمة الله، وإهلاك النفس بالجوع والذل والقذارة، والتطلع لمثل حال الكافرين. والإلحاف في السؤال.
ومع أن بعضًا من هذه الصفات قد حمله العلماء على الكراهة لا على التحريم؛ فإنه يجب الاحتراز منه حتى لا يقع في الحرام المفضي إلى عدم محبة الله. والله أعلم بالحق.