السودان الشقيق تمزقه الفرقة والحروب، والتي بالطبع لن تصب في مصلحته مطلقا ولا مصلحة مصر، فالسودان يمثل عمقا استراتيجياً لمصر ، واستقراره بالطبع يفيد بلادنا والعكس صحيح .
والفترة الماضية لا زالت الحرب تخيم بوجهها القبيح علي السودان التي تتحسس خطواتها نحو السلام في ظل حاله عدم الاستقرار التي نجمت علي الإطاحة بنظام البشير ووجود قلاقل في الجنوب السوداني ومن هنا كان علي الاتحاد الأفريقي دوراً مهماً في ؟إحلال السلام في السودان شماله وجنوبه.
كان موقع Institute for security studies قد نشر مؤخراً تقريرا حول الدور الذى يلعبه الاتحاد الإفريقي فى المفاوضات الجارية لإنهاء الحرب الأهلية فى السودان، والتهديدات التي تواجه عملية السلام وكيفية مواجهتها.. ونعرض منه ما يلى:
بدأت الحكومة الانتقالية فى السودان محادثات سلام فى سبتمبر 2019 مع جماعات مسلحة فى أجزاء من البلاد تعانى من صراعات طويلة الأمد، لا سيما فى النيل الأزرق وجنوب كردفان ودارفور.
كما يتعين على الاتحاد الإفريقي، الذى كان له دور فعال فى الوساطة بين المجلس العسكري الانتقالي والمدنيين عقب إقالة الرئيس عمر البشير فى وقت سابق من هذا العام، أن يستمر فى لعب دور حاسم فى عملية السلام. فهو له دور كوسيط وضامن للاتفاق الذى سينبثق من المفاوضات الحالية.
ووفقًا لاتفاق تقاسم السلطة الموقع فى أغسطس 2019 والمحدد له فترة انتقالية مدتها ثلاث سنوات على الأقل، فإن الحكومة الانتقالية أمامها ستة أشهر لاستكمال اتفاقات السلام مع جميع الجماعات المسلحة فى السودان.
استضاف رئيس جنوب السودان «سلفا كير» محادثات السلام فى جوبا وأسفر عن إعلان يهدف إلى بناء الثقة بين الأطراف المتفاوضة. كما وفر إعلان جوبا إطارا لمزيد من المفاوضات. حيث ألغى الإعلان التهم الجنائية ورفع حظر السفر الذى فرضه البشير ضد العديد من قادة الجماعات المسلحة. كما ألزم الموقعين على وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى. ووافقت الجماعات المسلحة بدورها على إنشاء «ممر إنساني» لتوزيع المساعدات.
حددت المزيد من المحادثات التي دارت بين المتمردين والحكومة الانتقالية فى أكتوبر القضايا الأساسية للتفاوض، والتي سيتم مناقشتها عندما يتوقع استئناف المفاوضات فى منتصف أو أواخر نوفمبر.
إن التوصل إلى اتفاق سلام ناجح مع الجماعات المسلحة سيتيح الفرصة لوضع خارطة طريق للأهداف التالية المتمثلة فى بناء السلام وبناء الدولة فى السودان. وإن كان لابد من تحقيق ذلك، فإن الالتزام المستمر بعملية السلام من قبل جميع أصحاب المصالح أمر بالغ الأهمية.
وكجزء من دور الوساطة، طلب الموقعون على إعلان جوبا من الاتحاد الإفريقي «إصدار تفويض جديد بشأن مفاوضات السلام فى السودان».
بعد ذلك، طلب مجلس السلام والأمن (PSC) فى اجتماع عُقد فى 10 أكتوبر من رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي تقديم اقتراح فى هذا الصدد فى أقرب وقت ممكن، على أن يوضح الاقتراح من سيقود عملية الوساطة، ويوضح بالتفصيل الدعم الفني الذى سيقدمه الاتحاد الإفريقي لعملية السلام الجارية.
يجب أن يجعل الوسيط بناء الثقة أولوية للتغلب على عدم الثقة بين الأطراف المتصارعة، والتي قد تعيق المفاوضات. كما يجب أن يتابع مجلس السلام والأمن عن كثب عملية السلام، مع تقديم إحاطات منتظمة من جانب الوسيط للاتحاد الإفريقي.
ومن بين القضايا التي طرحتها الجماعات المسلحة للتفاوض هي كيفية معالجة الأسباب الجذرية للصراع ، وتشمل هذه الأسباب التهميش السياسي والاجتماعي ــ الاقتصادي، والافتقار إلى الحرية والعدالة، وهيمنة المركز على المناطق المحيطة بالبلد (الأطراف)، والفشل فى إدارة التنوع العرقي والديني. المسألة الرئيسية الثانية المطروحة للمناقشة هي ترتيب عملية تقاسم السلطة. لقد أجلت الحكومة الانتقالية إنشاء المجلس التشريعي الانتقالي وتعيين سلطات الدولة فى محاولة لإشراك الجماعات المسلحة فى تشكيل هذه الهياكل الحكومية.
فمن المتوقع أن تدعو الجماعات المسلحة إلى إعادة تشكيل مجلس الوزراء، مع تخصيص ثلاث وظائف للمعينين من المناطق المحيطة بالبلد، وإدماجهم فى مناصب المجلس وترشيحهم لمناصب حاكمة فى مناطقهم.
المسألة الثالثة المطروحة للمناقشة هي نزع سلاح جميع الجماعات المسلحة وتسريحها وإعادة إدماجها، بما فى ذلك القوات شبه العسكرية مثل ميليشيات الجنجويد وقوات الدعم السريع RSF. سوف تتناول المفاوضات أيضًا إصلاح قطاع الأمن (SSR) وإنشاء جيش موحد ومحترف. حيث تتوقع الجماعات المسلحة من عملية إصلاح قطاع الأمن حل جهاز الاستخبارات والأمن الوطني وإعادة دمج جنودهم. كما أُعتبر حجم الجيش والعلاقات المدنية ــ العسكرية والرقابة الديمقراطية قضايا إضافية يتعين الاتفاق عليها.
الأحكام الاقتصادية هي أيضا محل للتفاوض. والجدير بالذكر أن التقاسم العادل للعائدات من استخراج الموارد الطبيعية مثل الذهب واليورانيوم وخام الحديد والنحاس والنفط، والتي توجد فى الرواسب العالية فى دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان، سيصبح من ضمن القضايا التي سيتم التفاوض بشأنها أيضا.
من المتوقع أن تتناول محادثات السلام أيضًا إدارة العدالة الانتقالية وفقًا لمشروع الميثاق الدستوري. كما طالب عدد من الجماعات المسلحة بتسليم البشير وغيره من المتهمين بارتكاب جرائم ضد الإنسانية إلى المحكمة الجنائية الدولية، وإجراء تحقيق مستقل فى هجمات 3 يونيو على المحتجين.
أما عن فرص السلام، فقد ظهرت عدة فرص للسلام خلال الانتفاضة التي أطاحت بالبشير من منصبه.
إحدى الفرص الرئيسية هي أن قوات المقاومة المدنية، وهى جزء حاليًا من الحكومة الانتقالية، والجماعات المسلحة بدأتا فى التعاون أثناء الانتفاضة. وأدى ذلك إلى خلق علاقة عمل سمحت لهم بالالتقاء للمفاوضات رغم تحفظات الجماعات المسلحة على أحكام الإعلان الدستوري الانتقالي وتحفظات المدنيين على إعلان جوبا.
ومن ضمن الفرص الأخرى للسلام هي العملية الحالية للتفاوض وصنع السلام بين الجماعات المسلحة التي قُوضت فى الماضي وحارب بعضها بعضًا فى بعض الأحيان. كما أن التغييرات السياسية الرئيسية فى السودان جعلت الصراع «مهيأً» للمفاوضات. يوجد حاليا ضغوط كبيرة من داخل السودان وخارجه على الجماعات المسلحة لإنهاء النزاع. إذا فشلوا فى ذلك، فإنهم يخاطرون بفقدان الشرعية السياسية ومواجهة عقوبات إضافية من الاتحاد الإفريقي. ومن جانبه، حذر مجلس السلام والأمن من أنه سيفرض عقوبات على المخربين وأولئك الذين فشلوا فى المشاركة فى عملية السلام.
إن انعدام الثقة فى هذه المرحلة من المفاوضات سيؤدى إلى إمكانية عرقلة بناء التوافق فى الآراء بشأن القضايا الموضوعية التي ينبغي معالجتها خلال عملية السلام.