فوائد صلاة الجماعة ... الصلاة أفضل العبادات العملية

فوائد صلاة الجماعة

من المعلوم أن الصلاة أفضل العبادات في الإسلام، وقال بعضهم: أفضل العبادات العمليَّة، وأفضلها مطلقًا الإيمان. ولا تعارض بين أحاديث أحب الأعمال إلى الله، على رغم تعدد واختلاف الأعمال الموصوفة بتلك الأحبية؛ لأدلة كثيرة.

1- أن الإيمان توحيد، والصلاة تتضمن التوحيد؛ فالتوحيد: توحيد ربوبية وألوهية وأسماء وصفات، وجميعها في فاتحة الكتاب التي لا صلاةَ بغيرها؛ كما في حديث عبادة بن الصامت I: «لا صلاةَ لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب»([1]).

2- أن الإيمان يشمل الصلاة؛ ومما يدل على ذلك: أن الإيمان اعتقادٌ وقولٌ وعملٌ، والصلاة من العمل، أو هي أوَّل وأخطر العمل؛ فهي بهذا جزء من الإيمان، وفي الحديث: «لا إيمان لمن لا صلاة له»([2])، وعن جابر I قال: سمعت النبي ﷺ يقول: «إن بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة»([3]). وقال محمد بن نصر المروزي: سمعت إسحاق يقول: صح عن النبي ﷺ أن تارك الصلاة كافر، وكذلك كان رأي أهل العلم من لدن النبي ﷺ؛ أن تارك الصلاة عمدًا من غير عذر حتى يذهب وقتها كافر. انتهى([4]).

3- أن الإيمان مرتبةٌ من مراتب الإسلام؛ كالإسلام والإحسان، وباعتبار ذلك يكون الإيمان شاملًا لكل أوامر ونواهي وفرائض ونوافل الإسلام؛ فالصلاة إيمانٌ كما قيل في تفسير قوله تعالى: ﴿وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ۗ وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ ۚ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ ۗ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [البقرة: ١٤٣]؛ قيل: صلاتكم تجاه بيت المقدس قبل تحويل القبلة إلى البيت الحرام؛ فعن البراء بن عازب I قال: وكان الذي مات على القبلة قبل أن تحول قِبل البيت رجالًا لم ندر ما نقول فيهم؛

فأنزل الله تعالى: ﴿ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ﴾ الآية([5])، وعن ابن عباس L: لما حُوِّلت القبلة قال أناسٌ: يا رسول الله! أصحابنا الذين ماتوا وهم يصلون إلى بيت المقدس؛ فأُنزلت: ﴿ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ﴾([6]).

ومن الإيمان العمل الصالح أيًّا كان؛ الذي يحب الله تعالى المداومة عليه وإن قل؛ كان صومًا أو صدقةً أو صلةً أو غيرَه، فأنْ تعمل عملًا صالحًا فتُدِيم عليه؛ خيرٌ من أن تعمل كلَّ الأعمال كلَّ عملٍ مرةً أو مراتٍ ولا تُدِيم على شيءٍ، مع ضرورة الالتزام -إلى جانب العمل المُدام عليه- بالحد الأدنى من الإسلام؛ كاجتناب الكبائر والتزام الفرائض، ولا شك أن ترك الصلاة من أكبر الكبائر، وأن إقامتها أول الفرائض.

ولتمام الفائدة ينبغي التعريج على ذكر مواقيت الصلاة، كما صحت في الشريعة.. فعن مالك بن أنس -رحمة الله عليه- عن ابن شهاب الزهري: أن عمر بن عبد العزيز أخر الصلاة يومًا، فدخل عليه عروة بن الزبير، فأخبره: أن المغيرة بن شعبة أخر الصلاة يومًا وهو بالكوفة؛ فدخل عليه أبو مسعود الأنصاري، فقال: ما هذا يا مغيرة؟! أليس قد علمت أن جبريل ﷺ نزل فصلى؛ فصلى رسول الله ﷺ، ثم صلى.

فصلى رسول الله ﷺ، ثم صلى؛ فصلى رسول الله ﷺ، ثم صلى؛ فصلى رسول الله ﷺ، ثم صلى؛ فصلى رسول الله ﷺ، ثم قال: «بهذا أمرتَ»، فقال عمر بن عبد العزيز لعروة: اعلم ما تحدث به يا عروة! أوَإِن جبريل S هو الذي أقام لرسول الله ﷺ وقت الصلاة؟ فقال عروة: كذلك كان بشير بن أبي مسعود الأنصاري يحدث عن أبيه([7]). قال عروة: ولقد حدثتني عائشة أن رسول الله كان يصلي العصر والشمس في حجرتها قبل أن تظهر([8]).

ثالثًا- صلاةُ الجماعة:

فعن أبي بن كعب I قال: صلى بنا رسول الله ﷺ يومًا الصبح، فقال: «أشاهد فلان؟» قالوا: لا؛ قال: «أشاهد فلان؟» قالوا: لا؛ قال: «إن هاتين الصلاتين أثقل الصلوات على المنافقين، ولو تعلمون ما فيهما لأتيتموهما ولو حبْوًا على الرُّكَب، وإن الصف الأول على مثل صف الملائكة، ولو علمتم ما فضيلته لابتدرتموه، وإن صلاةَ الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده، وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل، وما كثر فهو أحب إلى الله([9]).

فمن سأل عنهما النبي ﷺ منافقان، وأثقل الصلوات على المنافقين هما صلاتا الفجر والعشاء. ويستفاد من هذا الحديث أن صلاة الجماعة مما يحبُّه الله تعالى، وكلما كانت الجماعة أكبر كلما كان ذلك أحبَّ إليه D؛ ولذا تستحب الصلاة في المسجد الجامع على الصلاة في المساجد الأصغر، كما هو معلوم من دين الإسلام، وكذلك يستحب اللحاق بالجماعة الأولى؛ لأنها -في الغالب- هي الأكبر عددًا، وأفضل منه التبكير بالذهاب إلى المسجد للحاق بالصف الأول وتكبيرة الإحرام.

ولذا كثيرًا ما يعقد العلماء في كتب الحديث والفقه بابًا بعنوان «مواقيت الصلاة»، يثبتون فيه أحاديث ميقات كل فرضٍ أو يشرحونها، وهذه المواقيت توقيفية لا ينبغي تقديمها أو تأخيرها([1]).

رابعًا: المساجد:

فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ الله ﷺ قَالَ: «أَحَبُّ البِلَادِ إِلَى الله مَسَاجِدُهَا»([2]).

قال النووي T: قوله: «أحب البلاد إلى الله مساجدها»؛ لأنها بيوت الطاعات، وأساسها على التقوى. والحب والبغض من الله تعالى إرادته الخير والشر أو فعله ذلك بمن أسعده أو أشقاه، والمساجد محل نزول الرحمة والأسواق ضدها([3]).

خامسًا: قول «آمين» بعد الفاتحة:

فعن أبي موسى قال: قَالَ رَسُولُ الله ﷺ: «إِذَا صَلَّيْتُمْ فَأَقِيمُوا صُفُوفَكُمْ ثُمَّ لْيَؤُمَّكُمْ أَحَدُكُمْ، فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا، وَإِذَا قَرَأَ: ﴿ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ﴾ فَقُولُوا: آمِينَ؛ يُجِبْكُمُ الله»([4]).

قال الإمام النووي T: «وإذا قال: ﴿ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ﴾ فقولوا: آمين» فيه دلالة ظاهرة لما قاله أصحابنا([5]) وغيرهم أن تأمين المأموم يكون مع تأمين الإمام لا بعده؛ فإذا قال الإمام: ﴿ﭲ ﭳ﴾؛ قال الإمام والمأموم معًا: «آمين»، وتأولوا قوله ﷺ: «إذا أمن الإمام فأمنوا»، قالوا: معناه: إذا أراد التأمين؛ ليجمع بينه وبين هذا الحديث، وهو يريد التأمين في آخر قوله: ﴿ﭲ ﭳ﴾؛ فيعقب إرادته تأمينه وتأمينكم معًا. وفي «آمين» لغتان: المد والقصر، والمد أفصح، والميم خفيفة فيهما، ومعناه: استجب..

قوله ﷺ: «فقولوا: آمين؛ يجبكم الله» هو بالجيم؛ أي: يستجب دعاكم([6])، وهذا حث عظيم على التأمين؛ فيتأكد الاهتمام به([7]).

وقال العظيم أبادي T: «فقولوا: آمين» هو بالمد والتخفيف في جميع الروايات وعن جميع القراء، وحكى أبو نصر عن حمزة والكسائي الإمالة، وفيه ثلاث لغات أُخر شاذة: القصر؛ حكاه ثعلب، وأنشد له شاهدًا، وأنكره ابن درستويه، وطعن في الشاهد بأنه لضرورة الشعر، وحكى عياض ومن تبعه عن ثعلب إنما أجازه في الشعر خاصة. والثانية: التشديد مع المد، والثالثة: التشديد مع القصر.

وخطَّأهما جماعةٌ من أئمة اللغة. و«آمين» من أسماء الأفعال، ويفتح في الوصل؛ لأنها مثل كيف، ومعناه: اللهم استجب، عند الجمهور، وقيل غير ذلك ما يرجع جميعه إلى هذا المعنى، وقيل: إنه اسم لله؛ حكاه صاحب «القاموس» عن الواحدي([8]). وقال: «يحبكم الله» بالحاء المهملة من الحب، هكذا في أكثر النسخ، وفي بعضها بالجيم «يجيبكم الله»، وهكذا في رواية مسلم([9]).

سادسًا: السجود لله تعالى، وخاصة سجود الشكر:

عن عبد الله بن مسعود I؛ أنه قال: إن أصحاب العجل قالوا: هطا سقماثا أزبه مزبا؛ بالعربية: حنطة حمراء قوية فيها شعرة سوداء؛ فذلك قوله D: ﴿ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ﴾، قال: أمر الله الجبل أن يقع عليهم فنظروا إليه قد غشيهم فسقطوا سجدًا على شق ونظروا بالشق الآخر؛ فرحمهم الله فكشفه عنهم، فقالوا: ما سجدة أحب إلى الله تعالى من سجدة كشف بها العذاب عنكم. فهم يسجدون لذلك على شق؛ فذلك قوله D: ﴿ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ﴾([10]).

سابعًا: المداومة على صلاة الليل كصلاة داود في الحضر والسفر والسراء والضراء:

1- صلاةُ الليل.. مشروعيتُها وحكمُها: قال العلَّامة الشَّوْكاني: وأما صلاة الليل فالأحاديث فيها صحيحة متواترةٌ لا يتسع المقام لبَسْطها، وأكثرها ثلاث عشرة ركعة يوتر في آخرها بركعة؛ إما منفردةً أو منضمة إلى شفعٍ قبلها، وقد كان ﷺ يصلِّي صلاة الليل على أنحاءٍ مختلفة؛ فتارةً يصلي ركعتين ركعتين ثم يوتر بعدها بركعة، وتارةً يصلي أربعًا أربعًا، وتارةً يجمَع بين زيادةٍ على الأربع، وذلك كلُّه سنةٌ ثابتة([11]).

وكانت صلاةُ الليلِ فريضةً، ثم إن الله منَّ على العباد فخفَّفها ووضعها([12])، وقد أمر تعالى رسوله بعد المكتوبات بقيام الليل؛ فإن التهجُّد ما كان بعد النوم.. قاله علقمة والأسود وإبراهيم النخعي وغيرُ واحدٍ، وهو المعروف في لغة العرب، وكذلك ثبتت الأحاديث عن رسول الله ﷺ أنه كان يتهجَّد بعد نومه عن ابن عباس، وعائشة، وغيرِ واحد من الصحابة M([13]).

وعن ابن عمر قال: سألَ رجلٌ النبيَّ ﷺ وهو على المنبَر: ما ترى في صلاة الليل؟ قال: «مثنى مثنى، فإذا خَشِي الصبحَ صلى واحدةً فأوترت له ما صلَّى»، وإنه كان يقول: اجعلوا آخر صلاتكم وترًا؛ فإنَّ النبي ﷺ أمر به([14]). ومعنى قول السائل: ما ترى؛ أي: أعلِمني عن حالها وحكمها، و«مثنى مثنى» ركعتين ركعتين([15]).

2- فضل صلاة الليل في السفر: عن أبي هريرة I يرفعُه: سُئِل أي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أيُّ الصلاة أفضل بعد المكتوبة؟ فقال: «أفضل الصلاة بعد الصلاة المكتوبة الصلاة في جوف الليل»([16]).

وأحاديث قيام الليل كثيرة، وتلك التي تصرح بأنها محبوبة إلى الله تعالى كثيرة أيضًا، وهي حددت طريقتها وميعادها، وحالات أصحابها على  النحو الآتي:

(أ) فعن عَمْرُو بْنِ دِينَارٍ، أَنَّ عَمْرَو بْنَ أَوْسٍ أَخْبَرَهُ، أَنَّ عَبْدَ الله بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ L أَخْبَرَهُ؛ أَنَّ رَسُولَ الله ﷺ قَالَ لَهُ: «أَحَبُّ الصَّلاةِ إِلَى الله صَلاةُ دَاوُدَ S.. وَكَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ وَيَقُومُ ثُلُثَهُ وَيَنَامُ سُدُسَهُ» الحديث([1]).

قال الحافظ T: قوله: «أحب الصلاة إلى الله صلاة داود».. قال المهلب: كان داود S يجمُّ نفسه بنوم أول الليل، ثم يقوم في الوقت الذي «ينادي الله فيه: هل من سائل فأعطيه سؤله؟»([2])، ثم يستدرك بالنوم ما يستريح به من نصب القيام في بقية الليل، وهذا هو النوم عند السحر.. وإنما صارت هذه الطريقة أحبَّ من أجل الأخذ بالرفق للنفس التي يخشى منها السآمة، وقد قال ﷺ: «إن الله لا يمل حتى تملوا»([3])،

والله أحب أن يديم فضله ويوالي إحسانه، وإنما كان ذلك أرفق؛ لأن النوم بعد القيام يريح البدن ويذهب ضرر السهر ودبول الجسم، بخلاف السهر إلى الصباح. وفيه من المصلحة أيضًا استقبال صلاة الصبح وأذكار النهار بنشاط وإقبال، وأنه أقرب إلى عدم الرياء؛ لأن من نام السدس الأخير أصبح ظاهر اللون سليم القوى؛ فهو أقرب إلى أن يخفي عمله الماضي على من يراه، أشار إلى ذلك ابن دقيق العيد.

وحكي عن قوم أن معنى قوله: «أحب الصلاة» هو بالنسبة إلى من حاله مثل حال المخاطب بذلك، وهو من يشق عليه قيام أكثر الليل، قال: وعمدة هذا القائل اقتضاء القاعدة: زيادة الأجر بسبب زيادة العمل، لكن يعارضه هنا اقتضاء العادة والجبلة التقصير في حقوق يعارضها طول القيام، ومقدار ذلك الفائت مع مقدار الحاصل من القيام غير معلوم لنا. فالأولى أن يجري الحديث على ظاهره وعمومه، وإذا تعارضت المصلحة والمفسدة؛ فمقدار تأثير كل واحد منهما في الحث أو المنع غير محقق لنا؛ فالطريق أننا نفوض الأمر إلى صاحب الشرع، ونجري على ما دل عليه اللفظ مع ما ذكرناه من قوة الظاهر هنا، والله أعلم([4]).

وقال الحافظ T أيضًا: قوله: «كان ينام نصف الليل».. إلخ، وفي رواية ابن جريج عن عمرو بن دينار عند مسلم: «كان يرقد شطر الليل، ثم يقوم ثلث الليل بعد شطره»، قال ابن جريج: قلت لعمرو بن دينار: عمرو بن أوس هو الذي يقول: يقوم ثلث الليل؟ قال: نعم. انتهى.

وظاهره أن تقدير القيام بالثلث من تفسير الراوي، فيكون في الرواية الأولى إدراج، ويحتمل أن يكون قوله: «عمرو بن أوس ذكره»؛ أي بسنده، فلا يكون مدرجًا. وفي رواية ابن جريج من الفائدة ترتيب ذلك بثم؛ ففيه رد على من أجاز في حديث الباب أن تحصل السنة بنوم السدس الأول مثلًا، وقيام الثلث، ونوم النصف الأخير، والسبب في ذلك أن الواو لا ترتب([5]).

(ب) وعن عمرو بن عبسة I قال: أتيت رسول الله ﷺ فقلت: هل من ساعة أحب إلى الله من أخرى؟ قال: «نعم، جوف الليل الأوسط([6])؛ فصل ما بدا لك حتى يطلع الصبح، ثم انته حتى تطلع الشمس، وما دامت كأنها حجفة حتى تبشبش، ثم صل ما بدا لك حتى يقوم العمود على ظله، ثم انته حتى تزيغ الشمس؛ فإن جهنم تسجر نصف النهار، ثم صل ما بدا لك حتى تصلي العصر، ثم انته حتى تغرب الشمس؛ فإنها تغرب بين قرني الشيطان وتطلع بين قرني الشيطان»([7]).

فقد بين الحديث أن خير ميعاد لقيام الليل هو جوف الليل؛ أي: قبل طلوع الفجر في الساعة التي ينزل فيها رب العالمين سبحانه إلى السماء الدنيا.

(ﺟ) وعن أبي الدرداء قال: قال رسول الله: «ثلاثة يحبهم الله ويضحك إليهم ويستبشر بهم.. والذي له امرأة حسنة وفراش لين حسن، فيقوم من الليل؛ فيقول: يذر شهوته فيذكرني ولو شاء رقد، والذي إذا كان في سفر وكان معه ركب فسهروا ثم هجعوا، فقام من السحر في سراء وضراء»([8]). وفي حديث أبي ذرٍّ عن الثلاثة الذين يحبُّهم الله والثلاثة الذين يبغضُهم، عن النبي ﷺ: «رجلٌ يسافر مع قومٍ فأدْلجوا، حتى إذا كانوا من آخر الليل وقع عليهم الكرى والنعاس فضربوا رؤوسهم، ثم قام فتطهَّر رهبةً لله ورغبةً لما عِنده»([9]).


(1) «إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة» لأبي العباس شهاب الدين أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل بن سليم بن قايماز بن عثمان البوصيري الكناني الشافعي (المتوفى 840هـ) تقديم: فضيلة الشيخ الدكتور أحمد معبد عبد الكريم تحقيق: دار المشكاة للبحث العلمي، بإشراف أبي تميم ياسر بن إبراهيم ط1 دار الوطن للنشر - الرياض 1420هـ.
(2) «الإتحافات السنية بالأحاديث القدسية» لزين الدين محمد المدعو بعبد الرءوف بن تاج العارفين بن علي بن زين العابدين الحدادي ثم المناوي القاهري (المتوفى 1031هـ) شرحه محمد منير بن عبده أغا النقلي الدمشقي الأزهري (المتوفى 1367هـ) باسم «النفحات السلفية بشرح الأحاديث القدسية» تحقيق: عبد القادر الأرنؤوط - طالب عواد ط. دار ابن كثير - دمشق وبيروت (د. ت).
(3) «الآحاد والمثاني» لأبي بكر بن أبي عاصم، وهو أحمد بن عمرو بن الضحاك بن مخلد الشيباني (المتوفى 287هـ) تحقيق د. باسم فيصل أحمد الجوابرة ط1 دار الراية - الرياض 1411هـ.
(4) «الأحاديث المختارة» أو «المستخرج من الأحاديث المختارة مما لم يخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما» لأبي عبد الله ضياء الدين محمد بن عبد الواحد المقدسي (المتوفى 643هـ) تحقيق: معالي الأستاذ الدكتور عبد الملك بن عبد الله بن دهيش ط3 دار خضر للطباعة والنشر والتوزيع - بيروت 1420هـ.
(5) «أحكام القرآن» لإلكيا الهراس (المتوفى 504هـ) تحقيق: موسى محمد علي، وعزة عبد عطية ط2 دار الكتب العلمية- بيروت (د. ت).
(6) «أحكام القرآن» للقاضي أبي بكر محمد بن عبد الله بن العربي المعافري الأشبيلي المالكي، راجع أصوله وخرج أحاديثه وعلَّق عليه: محمد عبد القادر عطا ط3 دار الكتب العلمية - بيروت 1424هـ.
(7) «الإحكام في أصول الأحكام» لأبي الحسن الآمدي تحقيق: عبد الرزاق عفيفي، المكتب الإسلامي - بيروت ودمشق (د. ت).
(8) «إحياء علوم الدين» لأبي حامد محمد بن محمد الغزالي الطوسي (المتوفى 505هـ) ط. دار المعرفة - بيروت (د. ت).
(9) «الأخوة الإيمانية» للدكتور سعيد عبد العظيم ط. دار الإيمان بالإسكندرية (د. ت).
(10) «أدب الإملاء والاستملاء» لعبد الكريم بن محمد بن منصور التميمي السمعاني المروزي أبي سعد (المتوفى 562هـ) تحقيق: ماكس فيسفيلر ط1 دار الكتب العلمية - بيروت 1401هـ.
(11) «الأدب المفرد بالتعليقات» لمحمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة البخاري أبي عبد الله (المتوفى 256هـ) تحقيق: سمير بن أمين الزهيري، مستفيدًا من تخريجات وتعليقات العلامة الشيخ المحدث: محمد ناصر الدين الألباني ط1 مكتبة المعارف للنشر والتوزيع - الرياض 1419هـ.
(12) «الأربعين الصغري» لأحمد بن الحسين بن علي بن موسى الخُسْرَوْجِردي الخراساني أبي بكر البيهقي (المتوفى 458هـ) تحقيق: أبي إسحاق الحويني الأثري ط1 دار الكتاب العربي 1408هـ.
(13) «الأربعين النووية» لأبي زكريا محيي الدين النووي (المتوفى 676هـ) تحقيق: قصي محمد نورس الحلاق وأنور بن أبي بكر الشيخي ط1 دار المنهاج للنشر والتوزيع (ط. ت).
(14) «إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم» لأبي السعود العمادي محمد بن محمد بن مصطفى (المتوفى 982هـ) ط. دار إحياء التراث العربي - بيروت (د. ت).
(15) «إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل» لمحمد ناصر الدين الألباني (المتوفى 1420هـ) تحقيق: زهير الشاويش ط2 المكتب الإسلامي - بيروت 1405هـ.
(16)«الاستذكار» لأبي عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر بن عاصم النمري القرطبي (المتوفى 463هـ) تحقيق: سالم محمد عطا ومحمد علي معوض ط1 دار الكتب العلمية - بيروت 1421هـ.

بقلم / محمد صقر


تواصل مع فريق عمل أثر بالضغط هنا.