المانع من محبة الله تعالى .. حجم الإثم ودرجته بين الذنوب

بقلم / محمد صقر

حجم الإثم ودرجته بين الذنوب

 الأكثر ورودًا في القرآن والسنة؛ لمعانٍ زائدة فيه عن معنى الذنب، منها: كون الإثم يعني غير المشروع، ويعني اقترافَه، ويعني نتيجة ذلك وهي استحقاقُه العقاب، أو أن هذه النتيجة هي الأثام؛ فالخمر والكذب -مثلًا- من مرادفاتهما الإثم وليس منها الذنب، وشرب الخمر وقول الكذب يسميان إثمًا وذنبًا، وحد الزنا أو عقابه في الآخرة يسمى أثامًا. قال تعالى: ﴿قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [الأعراف: ٣٣]([1]).

وقال: ﴿لَوْلَا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ ۚ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ﴾ [المائدة: ٦٣]، وقال: ﴿وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ ۚ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ ۚ لِمَنِ اتَّقَىٰ ۗ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ﴾ [البقرة: ٢٠٣]، وقال: ﴿فَإِنْ عُثِرَ عَلَىٰ أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيَانِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا وَمَا اعْتَدَيْنَا إِنَّا إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ﴾ [المائدة: ١٠٧].

وقال: ﴿وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَٰهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ ۚ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَٰلِكَ يَلْقَ أَثَامًا ﴾ [الفرقان: ٦٨].

 (ب) المنكر: هو كل ما تحكم العقول الصحيحة بقبحه، أو يقبحه الشرع أو يحرِّمه أو يكرهه([2]). وهو ضد المعروف؛ ولذا من فرائض الإسلام (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر)؛ بل هو سمة المؤمنين والخيِّرين.. ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ۗ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ ۚ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ [آل عمران: ١١٠]، وقال النبي ﷺ: «من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده؛ فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان»([3]).

(ﺟ) الظلم: هو وضع الشيء في غير موضعه.. سواء كان هذا الشيء كبيرًا أو حقيرًا، وكان موضعه كبيرًا أو حقيرًا. والظلم كلُّه حرام وأكبره الشرك بالله، وهو وضع حق الله تعالى وحده في العبادة في غير موضعه، وذلك بعبادة غيره؛ كانت هذه العبادة استعانة به أو سجودًا له، وكان هذا المعبود حجرًا أو المسيح S، قال تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ ۖ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ﴾ [لقمان: ١٣].

 (د) الجرم والإجرام بمعنًى واحد، وهو كما في قوله تعالى: ﴿أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ ۖ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرَامِي وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تُجْرِمُونَ﴾ [هود: ٣٥]؛ معناه -كما قال المفسرون-: إن كنت افتريته (أي القرآن)؛ فهذا جرم وعليَّ عقاب هذا الجرم، وإن كان من عند الله غير مفتَرًى وكذبتم به؛ فعليكم عقاب تكذيبي. وإذن فالجرم هو اقتراف السيئة، وعن النحَّاس وغيره قال:

طريد عشيرة ورهين جـرم بما جرمت يدِي وجنى لساني([4])#تنسيق شعر#

(ﻫ) الفجور: هو ضد التقوى والبر والإيمان.. قال تعالى: ﴿بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ ﴾ [القيامة: ٥].. قيل: يكثر الذنوب ويؤخِّر التوبة، وقيل: يتمنَّى الخطيئة ويقول: سوف أتوب، سوف أتوب([5]).وإذن فالفجور زيادة على الإثم بتسويف التوبة.

وقيل: الفجور التكذيب بالبعث؛ فهو -من هذا الوجه- كفر أكبر، وهو بهذا نقيض الإيمان، ومما يدل على أنه نقيض التقوى وأن الفاجر عكس المتَّقِي؛ قوله تعالى: ﴿ أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ﴾ [ص: ٢٨]، ومما يدل على أنه نقيض البر، وأن الفاجر عكس البارِّ قوله تعالى: ﴿إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (13) ،وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ (14) [الانفطار: ١٣، ١٤].

قال القرطبي -في تفسير هاتين الآيتين-: ﴿وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ﴾ تقسيم، مثل قوله تعالى: ﴿وَكَذَٰلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَىٰ وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لَا رَيْبَ فِيهِ ۚ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ ﴾ [الشورى: ٧]، وقال([6]):﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ ۖ يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ﴾ [الروم: ٤٣] الآيتين. اه‍. ويعني بالآيتين هذه والتي تليها؛ أي قوله تعالى: ﴿مَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ ۖ وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ) [الروم: ٤٤].

(و) الفسق -في العربية-: الخروج، وشرعًا: الخروج عن طاعة الله، وهو قسمان: خروجٌ كُلِّي؛ بحيث يقال للكافر: فاسق.. قال تعالى -عن إبليس اللعين-: ﴿وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ ۗ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ ۚ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا﴾ [الكهف: ٥٠]، ويقال للمؤمن مرتكب الكبيرة: فاسق.. قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ [النور: ٤]([7]). وإذن فالفسق نوع من الإثم يقتصر على الكفريات والكبائر.

(ز) الضلال: هو العدول عن الطريق المستقيم، وهو ضد الهداية.. قال تعالى: ﴿مَنِ اهْتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ ۖ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا ۚ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ ۗ وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولً﴾ [الإسراء: ١٥]. والضلال يطلق على عدة معانٍ؛ كالكفر.. قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَىٰ رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ ۚ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا﴾ [النساء: ١٣٦]، والشرك.. قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ۚ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا﴾ [النساء: ١١٦]، والمخالفة التي هي دون الكفر؛ كما قال: الفرق الضالة، أي: المخالفة، والخطأ.

ومنه قول موسى S: ﴿قَالَ فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ﴾ [الشعراء: ٢٠]، والنسيان؛ ومنه قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَىٰ أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ ۚ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ ۚ وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ ۚ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا ۚ فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ ۚ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ ۖ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَىٰ ۚ وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا ۚ وَلَا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَىٰ أَجَلِهِ ۚ ذَٰلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَىٰ أَلَّا تَرْتَابُوا ۖ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلَّا تَكْتُبُوهَا ۗ وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ ۚ وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ ۚ وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ ۗ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ ۗ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ [البقرة: ٢٨٢]، والضياع والغيبة؛ ومنه ضالة الإبل([8]).

(ح) الجاهلية: هي حال العرب قبل الإسلام، وكانت جاهليةً عامة انتهت بمجيء الإسلام؛ لكن لا تزال هناك جاهلية خاصة ببعض الأماكن والدول والأفراد. والجاهلية نسبة إلى الجهل، وهي عدم العلم أو عدم العمل بالعلم، ومما يدل على وجود بعض أعمال الجاهلية قول النبي ﷺ: «أربع في أمتي من أمر الجاهلية لا يتركونهن: الفخر في الأحساب، والطعن في الأنساب، والاستسقاء بالنجوم، والنياحة»([9])، وقوله ﷺ لأبي ذر I: «إنك امرؤ فيك جاهلية»([10]).

كذلك من الألفاظ في هذا السياق كل من: الوزر، والسيئة، والمعصية، والخطيئة، والمحرم أو الحرام، والنواهي أو المنهي عنه.. إلخ؛ لكن تكلمنا على ما يخشى التباسه بالإثم.

(3) حجم الإثم ودرجته بين الذنوب:

كما رأينا لا تعبر الألفاظ التي فصَّلنا معانيَها سابقًا عن نفس المعاني بحذافيرها، ومعلوم أن الترادف في العربية لا يعني حتمًا تطابق الألفاظ المترادفة في كل شيء؛ إذ كثيرًا ما يكون بين اللفظين المترادفين اختلافٌ؛ ومن ثم كان ورود بعض الألفاظ في بعض المواضع أوفق من بعض مع أن الجميع مترادف، والقرآن الكريم ليس فيه كلمة في غير موضعها؛ لأنه كلام الله الذي يقدِّر كل شيء بقدره، وكذلك كلام النبي ﷺ المروي بلفظه؛ لأن النبي ﷺ أوتي جوامع الكلام؛ لكن قد تواجهنا في السنة إشكاليَّة رواية الحديث بالمعنى.

ومن هنا يأتي السؤال: ما هو الإثم الذي لا يحب اللهُ مقترفَه؟

والجواب: أنه ورد الإثم في القرآن الكريم مطلقًا من الوصف، وورد موصوفًا بالكِبَر، وورد وصفًا لغيره؛ فمن الأول قوله تعالى: ﴿ قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ [الأعراف: ٣٣].. قال السدي: أما الإثم فالمعصية، وقال مجاهد: الإثم المعاصي كلها، وحاصل ما فُسِّر به الإثم أنه الخطايا المتعلقة بالفاعل نفسه([1]). وقوله تعالى: ﴿ وَذَرُوا ظَاهِرَ الْإِثْمِ وَبَاطِنَهُ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَكْسِبُونَ الْإِثْمَ سَيُجْزَوْنَ بِمَا كَانُوا يَقْتَرِفُونَ﴾ [الأنعام: ١٢٠].. قال قتادة: أي قليله وكثيره، سرّه وعلانيته([2]).

ومن الثاني قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ ﴾ [الشورى: ٣٧]، وقوله: ﴿ وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا ﴾ [النساء: ١٠٧]، وقوله: ﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ ۖ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا ۗ وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ ﴾ [البقرة: ٢١٩]. كما وُصِف الإثم بالـ«مبين» والـ«عظيم» في آياتٍ أخر، ومن كل هذا يتضح أن في الآثام ما هو كبير وما هو أصغر منه.

ومن الثالث قوله تعالى: ﴿يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ  ﴾ [البقرة: ٢٧٦]، وقوله: ﴿وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا  ﴾ [النساء: ١٠٧].. اللتان عليهما الكلام. فقد وصف الكَفَّار بالأثيم -في قولٍ- في الآية الأولى، ووصف الخوَّان بالأثيم في الأخرى.


(1) «إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة» لأبي العباس شهاب الدين أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل بن سليم بن قايماز بن عثمان البوصيري الكناني الشافعي (المتوفى 840هـ) تقديم: فضيلة الشيخ الدكتور أحمد معبد عبد الكريم تحقيق: دار المشكاة للبحث العلمي، بإشراف أبي تميم ياسر بن إبراهيم ط1 دار الوطن للنشر - الرياض 1420هـ.


(2) «الإتحافات السنية بالأحاديث القدسية» لزين الدين محمد المدعو بعبد الرءوف بن تاج العارفين بن علي بن زين العابدين الحدادي ثم المناوي القاهري (المتوفى 1031هـ) شرحه محمد منير بن عبده أغا النقلي الدمشقي الأزهري (المتوفى 1367هـ) باسم «النفحات السلفية بشرح الأحاديث القدسية» تحقيق: عبد القادر الأرنؤوط - طالب عواد ط. دار ابن كثير - دمشق وبيروت (د. ت).


(3) «الآحاد والمثاني» لأبي بكر بن أبي عاصم، وهو أحمد بن عمرو بن الضحاك بن مخلد الشيباني (المتوفى 287هـ) تحقيق د. باسم فيصل أحمد الجوابرة ط1 دار الراية - الرياض 1411هـ.


(4) «الأحاديث المختارة» أو «المستخرج من الأحاديث المختارة مما لم يخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما» لأبي عبد الله ضياء الدين محمد بن عبد الواحد المقدسي (المتوفى 643هـ) تحقيق: معالي الأستاذ الدكتور عبد الملك بن عبد الله بن دهيش ط3 دار خضر للطباعة والنشر والتوزيع - بيروت 1420هـ.


(5) «أحكام القرآن» لإلكيا الهراس (المتوفى 504هـ) تحقيق: موسى محمد علي، وعزة عبد عطية ط2 دار الكتب العلمية- بيروت (د. ت).


(6) «أحكام القرآن» للقاضي أبي بكر محمد بن عبد الله بن العربي المعافري الأشبيلي المالكي، راجع أصوله وخرج أحاديثه وعلَّق عليه: محمد عبد القادر عطا ط3 دار الكتب العلمية - بيروت 1424هـ.


(7) «الإحكام في أصول الأحكام» لأبي الحسن الآمدي تحقيق: عبد الرزاق عفيفي، المكتب الإسلامي - بيروت ودمشق (د. ت).


(8) «إحياء علوم الدين» لأبي حامد محمد بن محمد الغزالي الطوسي (المتوفى 505هـ) ط. دار المعرفة - بيروت (د. ت).


(9) «الأخوة الإيمانية» للدكتور سعيد عبد العظيم ط. دار الإيمان بالإسكندرية (د. ت).


(10) «أدب الإملاء والاستملاء» لعبد الكريم بن محمد بن منصور التميمي السمعاني المروزي أبي سعد (المتوفى 562هـ) تحقيق: ماكس فيسفيلر ط1 دار الكتب العلمية - بيروت 1401هـ.


تواصل مع فريق عمل أثر بالضغط هنا.