الظلم بأخذ حقوق الغير .. مانع من موانع محبة الله عبدًا
فإن كان الظالمون في هذه الآية هم الكفار أو المنافقين؛ فقد عرفنا ابتداءً أن الله تعالى لا يحبهم بمانع كفرِهم ونفاقهم، ومن ثم تضاف هذه الآية إلى الآيات الدالة على عدم محبة الله تعالى الكفار والمنافقين؛ لكن هذه الآية تضيف إلى هذا المعنى الابتدائي معنيين آخرين ثانويَّين، ألا وهما:
1- أن قتال الكفار للمسلمين ظلمٌ يمنعهم من محبة الله إيَّاهم.
2- أن خذلان المنافقين المسلمين ظلمٌ يمنعهم من محبة الله إيَّاهم.
أما أن الظلم في الآية معناه القعود عن الجهاد في سبيل الله من قبل المسلمين حقيقةً لا نفاقًا، كشأن الثلاثة الذين خُلِّفوا M؛ فليس واردًا؛ لأن هؤلاء تاب الله عليهم لإقرارهم بذنبهم، وإقرارهم هذا دليل إيمانهم، ولا يُقبل من مؤمن إلا الجهاد أو الإقرار بأنه مذنب إن تركه.. يؤيد ذلك حديث رسول الله ﷺ الصحيح: «من مات ولم يغز ولم يحدث به نفسه؛ مات على شعبةٍ من نفاق»([1])..
قال ابن سهم: قال عبد الله بن المبارك: فنرى أن ذلك كان على عهد رسول الله ﷺ.. وهذا الذي قاله ابن المبارك محتمَل، وقد قال غيره: إنه عامٌّ([2])، والمراد أن من فعل هذا فقد أشبه المنافقين المتخلِّفين عن الجهاد في هذا الوصف؛ فإنَّ تركَ الجهاد أحد شعب النفاق([3]).
وإذن يكون الظلم في هذه الآية بمعانٍ، منها:
1- الكفر والنفاق.
2- مقاتلة أولياء الله (المسلمين).
3- ترك الجهاد في سبيل الله لإعلاء كلمته، والله تعالى أعلم.
ثالثًا- ظلم الناس بأخذ حقوقهم ابتداءً، أو بالجور في القصاص:
يقول تعالى: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ* وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا ۖ فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ *وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَٰئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ*إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ ۚ أُولَٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ* وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَٰلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ﴾ [الشورى: ٣٩-٤٣]. فإذا كانت الآية الأولى في عموم الظلم، والثانية في ظلم النفس بترك الجهاد -على أحد الأقوال-؛ فإن هذه في ظلم الغير بالاعتداء عليهم، وبذا يكون القرآن الكريم قد اشتمل على تحريم جميع أنواع الظلم أيًّا كانت؛ بل أكد في ثلاث آيات محكمات أن الله لا يحب الظالمين كان ظلمهم عامًّا أو خاصًّا.. لأنفسهم أو لغيرهم.
ومن أقوال المفسرين في ذلك.. قال الإمام الطبري -في الآية التي معنا-: إن الله لا يحب أهل الظلم؛ الذين يتعدون على الناس فيسيئون إليهم بغير ما أذن الله لهم فيه([4]).
وقال ابن كثير: قوله تبارك وتعالى: ﴿ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ﴾؛ كقوله تعالى: ﴿الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ ۚ فَمَنِ اعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ﴾ [البقرة: ١٩٤]، وكقوله: ﴿وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ ۖ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ ﴾ [النحل: ١٢٦] الآية؛ فشرع العدل وهو القصاص، وندب إلى الفضل وهو العفو؛ كقوله جل وعلا: ﴿وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ ۚ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ ۚ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾ [المائدة: ٤٥]؛
ولهذا قال هاهنا: ﴿ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ﴾؛ أي: لا يضيع ذلك عند الله، كما صح ذلك في الحديث: «وما زاد الله تعالى عبدًا بعفوٍ إلا عزًّا»([5])، وقوله تعالى: ﴿ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ﴾؛ أي: المعتدين، وهو المبتدئ بالسيئة([6]). وقال القرطبي: قوله تعالى: ﴿ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ﴾ قال العلماء: جعل الله المؤمنين صنفين؛ صنف يعفون عن الظالم، فبدأ بذكرهم في قوله: ﴿وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ﴾ [الشورى: ٣٧].
وصنف ينتصرون من ظالمهم، ثم بيَّن حد الانتصار بقوله: ﴿ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ﴾، فينتصر ممن ظلمه من غير أن يعتدِي.. قال مقاتل وهشام بن حجير: هذا في المجروح ينتقم من الجارح بالقصاص دون غيره من سبٍّ أو شتم، وقاله الشافعي وأبو حنيفة وسفيان..
وتأوَّل الشافعي في هذه الآية أن للإنسان أن يأخذ من مال من خانه مثل ما خانه من غير علمه، واستشهد في ذلك بقول النبي ﷺ لهند زوج أبي سفيان: «خذي من ماله ما يكفيك وولدك»([7])، فأجاز لها أخذ ذلك بغير إذنه.. وقال ابن أبي نجيح: إنه محمول على المقابلة في الجراح، وإذا قال: أخزاه الله أو لعنه الله أن يقول مثله، ولا يقابل القذف بقذف ولا الكذب بكذب.
وقال السدي: إنما مدح الله من انتصر ممن بغى عليه من غير اعتداء بالزيادة على مقدار ما فعل به.. يعني: كما كانت العرب تفعله، وسُمِّي الجزاء سيئة؛ لأنه في مقابلتها، فالأول ساء هذا في مال أو بدن وهذا الاقتصاص يسوءه بمثل ذلك أيضًا.. ﴿﴾؛ أي: من بدأ بالظلم.. قاله سعيد بن جبير، وقيل: لا يحب من يتعدى في الاقتصاص ويجاوز الحد؛ قاله ابن عيسى([8]).
ومن أجمع وأخصر ما قيل في هذه الآية واللتين بعدها([9]) قول ابن ناصر السعدي T: ذكر الله في هذه الآية مراتب العقوبات وأنها على ثلاث مراتب؛ عدل، وفضل، وظلم. فمرتبة العدل جزاء السيئة بسيئة مثلها لا زيادة ولا نقص؛ فالنفس بالنفس، وكل جارحة بالجارحة المماثلة لها، والمال يضمن بمثله. ومرتبة الفضل: العفو والإصلاح عن المسيء، ولهذا قال: ﴿ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ﴾ يجزيه أجرًا عظيمًا وثوابًا كثيرًا، وشرط الله في العفو
والإصلاح صلاحهما لحال الجاني؛ ليدل ذلك على أنه إذا كان الجاني لا يليق بالعفو عنه، وكانت المصلحة الشرعية تقتضي عقوبته؛ فإنه في هذه الحال لا يكون مأمورًا به، وفي جعل أجر العافي على الله ما يهيج على العفو وأن يعامل العبد الخَلْق بما يحب أن يعامله الله به؛ فكما يحب أن يعفوَ اللهُ عنه فليعفُ عنهم، وكما يحب أن يسامحه الله فليسامحهم؛ فإن الجزاء من جنس العمل.
وأما مرتبة الظلم فقد ذكرها بقوله: ﴿ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ﴾؛ الذين يجنون على غيرهم ابتداءً أو يقابلون الجاني بأكثر من جنايته، فالزيادة ظلم، ﴿ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ﴾ أي: انتصر ممن ظلمه بعد وقوع الظلم عليه، ﴿ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ﴾؛ أي: لا حرج عليهم في ذلك، ودل قوله: ﴿ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ﴾، وقوله: ﴿ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ﴾ أنه لابد من إصابة البغي والظلم ووقوعه، وأما إرادة البغي على الغير وإرادة ظلمه من غير أن يقع منه شيء؛ فهذا لا يجازى بمثله، وإنما يؤدب تأديبًا يردعه عن قول أو فعل صدر منه([1]).
وإذن فالظلم في هذه الآية هو: الاعتداء على الخلق ابتداءً، أو بالزيادة على الحق في القصاص؛ لكن لا شيء في أخذ القصاص، والعفو عنه أفضل لكن عن قدرة، أما العفو جبنًا فليس صفة محمودةً لا شرعًا ولا عُرْفًا. فتكون المراتب ستًّا؛ ثلاثًا من فضائل الأخلاق وثلاثًا من رذائلها:
الأولى: العفو عند المقدرة، وهي أعلى المراتب في المعاملات؛ لقوله تعالى: ﴿ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ﴾، وقوله: ﴿ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ﴾.
والثانية: القصاص ممن لا ينفع معهم العفو من لؤماء الناس؛ الذين إن أكرمتهم أهانوك؛ لقوله تعالى: ﴿ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ﴾.
والثالثة: العفو عن عدم استطاعة، وسؤال الله حقَّه، وهو من الصبر على المصيبة؛ لقوله تعالى: ﴿ يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَىٰ مَا أَصَابَكَ ۖ إِنَّ ذَٰلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ﴾ [لقمان: ١٧].
والرابعة: العفو جُبنًا، وهي صفة صغار وذل؛ لقوله تعالى: ﴿ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ﴾، وقوله: ﴿الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ ۚ فَمَنِ اعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ ﴾ [البقرة: ١٩٤].
والخامسة: أخذ الزيادة على الحق، وهو الإسراف في القصاص، وهو نوع استكبار أو طريق إليه؛ لقوله تعالى: ﴿ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ﴾؛ أي: بلا زيادة.
والسادسة: الاعتداء على الخلق ابتداءً من غير قصاص؛ لقوله تعالى: ﴿ إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ ۚ أُولَٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [الشورى: ٤٢]. فيكون من الظلم أن يعتدي على غيره، أو يترك حقَّه ضعفًا وجبنًا، أو يزيد على أخذ حقِّه ممن ظلمه.
رابعًا- ظلم الإمام والغنيِّ:
قال ﷺ: «أربعة يبغضهم الله D»، وذكر منهم «الإمام الجائر»([2]). وقال: «إن الله D يبغض الغنيَّ الظلوم»([3]). وفي حديث الثلاثة الذين يحبهم الله تعالى والثلاثة الذين يبغضهم: «والثلاثة الذين يبغضهم الله: .. والغني الظلوم»([4]).
وأجمع العلماء على أن الجور في الحكم من الكبائر؛ للوعيد الوارد فيه.. قال الله D: ﴿وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا ﴾ [الجن: ١٥]، والقاسط الجائر، والمقسط العادل، وقال الله D: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ ۚ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ ۚ فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا ۚ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ﴾ [المائدة: ٤٤]؛ يعني أهلَ الكتاب.
ثم قال: ﴿ وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ ۚ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ ۚ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ [المائدة: ٤٥]، ثم قال: ﴿ وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ ۚ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ [المائدة: ٤٧]، والأحاديث في الإمام الجائر كثيرة والوعيد فيها شديد([5]).
قوله: «أربعة يبغضهم»؛ أي ممن يبغضهم «الله» تعالى، يعذبهم ويحلهم دار الهوان. «والإمام الجائر»؛ أي: الحاكم الظالم المائل عن الحق إلى الباطل، يقال: جار في حكمه يجور جورًا وظلمًا: مال عن الطريق. وإنما أبغضهم لأن الإمام الجائر أنعم الله عليه بالسيادة والقدرة؛ فأبى شؤم شح طبعه إلا الجور وكفر النعمة([6]).
وقال الفيروزآبادي: «والغني الظلوم»؛ أي: كثير الظلم في المطل وغيره، وإنما خص الشيخ([7]) وأخويه بالذكر؛ لأن هذه الخصال فيهم أشدُّ مذمة وأكثر نكرة([8]).
وقال المناوي: «إن الله تعالى يبغض الغني الظلوم»؛ أي كثير الظلم لغيره، بمعنى أنه يعاقبه([1])، وليس المراد أنه لا يبغض الفقير الظلوم؛ بل المراد أن كثرة الظلم مع الغنيِّ أشد قبحًا وأعظم جرمًا وأكثر عذابًا، وعبر بصيغة المبالغة إشارة إلى أن من وقع منه هفوة من ظلم لا يكون مبغوضًا([2]).
وقد خص النبي ﷺ الإمام والغني الظالمين، مع أن الظلم وصاحبه أيًّا كان أقرب إلى بغض الله من محبته تعالى؛ لأن الإمام مناط العدل، وهو إن ظلم يكون قد عكس وظيفته؛ حيث وُلِّيَ ليمنع الظلم فظلم هو، فقد أقيم ليقيم أمرًا، فإذا ظلم يكون أول من كسر النظام وخالف وظيفته؛ كمن يُؤتمن فيخون. وأما الغني فلكفره النعمة؛ فإن الله تعالى أغناه عن الظلم، ولو ظلم الفقير لكان لعذره وجه -إن كان يمكن إعذار الظالم-؛ أما الغني فبماذا يعذر، وهو غير محتاج لأن يظلم أصلًا؟!
خلاصة هذا المانع:
1- الشرك بالله؛ حيث عبد النصارى المسيح S، وكذلك كل أنواع الكفر والنفاق.
2- أن يظلم الإنسان أخاه الإنسان، بالاعتداء عليه.
3- أن يظلم الإنسان أخاه، بالأخذ زيادة على حقِّه الذي عند أخيه.
4- حرَّم الله تعالى الظلم على نفسه، سواء ظلم الصالحين بالانتقاص من ثوابهم، أو الطالحين بالزيادة لهم في عقابهم، حاشا لله وتعالى عن ذلك.
5- مقاتلة الكافرين أولياء الله (المسلمين).
6- ترك الجهاد في سبيل الله لإعلاء كلمته.
7- خصوص ظلم الحاكم الذي هو مناط العدل، وخصوص ظلم الغنيِّ الذي ليس في حاجة لأن يظلم بعد إنعام الله عليه بالغَناء، ولقدرتهما على الظلم؛ ابتلاءً منه تعالى لهما.
(1) «إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة» لأبي العباس شهاب الدين أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل بن سليم بن قايماز بن عثمان البوصيري الكناني الشافعي (المتوفى 840هـ) تقديم: فضيلة الشيخ الدكتور أحمد معبد عبد الكريم تحقيق: دار المشكاة للبحث العلمي، بإشراف أبي تميم ياسر بن إبراهيم ط1 دار الوطن للنشر - الرياض 1420هـ.
(2) «الإتحافات السنية بالأحاديث القدسية» لزين الدين محمد المدعو بعبد الرءوف بن تاج العارفين بن علي بن زين العابدين الحدادي ثم المناوي القاهري (المتوفى 1031هـ) شرحه محمد منير بن عبده أغا النقلي الدمشقي الأزهري (المتوفى 1367هـ) باسم «النفحات السلفية بشرح الأحاديث القدسية» تحقيق: عبد القادر الأرنؤوط - طالب عواد ط. دار ابن كثير - دمشق وبيروت (د. ت).
(3) «الآحاد والمثاني» لأبي بكر بن أبي عاصم، وهو أحمد بن عمرو بن الضحاك بن مخلد الشيباني (المتوفى 287هـ) تحقيق د. باسم فيصل أحمد الجوابرة ط1 دار الراية - الرياض 1411هـ.
(4) «الأحاديث المختارة» أو «المستخرج من الأحاديث المختارة مما لم يخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما» لأبي عبد الله ضياء الدين محمد بن عبد الواحد المقدسي (المتوفى 643هـ) تحقيق: معالي الأستاذ الدكتور عبد الملك بن عبد الله بن دهيش ط3 دار خضر للطباعة والنشر والتوزيع - بيروت 1420هـ.
(5) «أحكام القرآن» لإلكيا الهراس (المتوفى 504هـ) تحقيق: موسى محمد علي، وعزة عبد عطية ط2 دار الكتب العلمية- بيروت (د. ت).
(6) «أحكام القرآن» للقاضي أبي بكر محمد بن عبد الله بن العربي المعافري الأشبيلي المالكي، راجع أصوله وخرج أحاديثه وعلَّق عليه: محمد عبد القادر عطا ط3 دار الكتب العلمية - بيروت 1424هـ.
(7) «الإحكام في أصول الأحكام» لأبي الحسن الآمدي تحقيق: عبد الرزاق عفيفي، المكتب الإسلامي - بيروت ودمشق (د. ت).
(8) «إحياء علوم الدين» لأبي حامد محمد بن محمد الغزالي الطوسي (المتوفى 505هـ) ط. دار المعرفة - بيروت (د. ت).