أين تكمن المحبة الإلهية .. محبة العبد لربه

أين تكمن المحبة الإلهية

بقلم / محمد صقر

أين تكمن المحبة الإلهية

لقد قال الله تعالى في نوحٍ:  ﴿وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلَا تُنْظِرُونِ﴾ ، (فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ ۖ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ ۖ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ) [يونس: ٧١، ٧٢]. وقال في إبراهيم :﴿مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَٰكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) [آل عمران: ٦٧].

وقال في إبراهيم ويعقوب -عليهما السلام-: ﴿وَوَصَّىٰ بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [البقرة: ١٣٢]. وقال يوسف S: ﴿ رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ ۚ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۖ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ﴾ [يوسف: ١٠١].

وقال D في الأسباط: ﴿أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَٰهَكَ وَإِلَٰهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَٰهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ﴾ [البقرة: ١٣٣]. وقال في آل لوط S: (فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ( 35) - (فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (36) . [الذاريات: ٣٥-٣٦]. وقال سبحانه عن موسى وقومه: ﴿ وَقَالَ مُوسَىٰ يَا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ﴾ [يونس: ٨٤].

وقال سليمان S لأهل اليمن: ﴿أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ ﴾ [النمل: ٣١]، وقالت بلقيس ڤ: ﴿قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ ۖ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَنْ سَاقَيْهَا ۚ قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوَارِيرَ ۗ قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [النمل: ٤٤].

وقال تعالى لخاتم النبيين محمد ﷺ وأمته: ﴿قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ  (162﴾- ( لَا شَرِيكَ لَهُ ۖ وَبِذَٰلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ . 163 ) "الأنعام: ١٦٢، ١٦٣".

وقال سبحانه عن السحرة لما آمنوا: ﴿ وَمَا تَنْقِمُ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِآيَاتِ رَبِّنَا لَمَّا جَاءَتْنَا ۚ رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ ﴾ [الأعراف: ١٢٦]. وقال تعالى في الحواريين: ﴿فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَىٰ مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ ۖ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: ٥٢].

وقال فيهم أيضًا: ﴿وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قَالُوا آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ ﴾ [المائدة: ١١١]، وقال مؤمنو الجن: ﴿ وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ ۖ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَٰئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا﴾ [الجن: ١٤]. وقال تعالى لنا معشر أمة محمد ﷺ: ﴿وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ ۖ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَٰهُنَا وَإِلَٰهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ﴾ [العنكبوت: ٤٦].

بل إن فرعون -لعنه الله- كان يعرف أن الله لا يقبل إلا الإسلام دينًا.. قال الله فيه: ﴿ وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا ۖ حَتَّىٰ إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾ [يونس: ٩٠] ([2]).

ولما كانت محبَّةُ الله شأنًا إسلاميًّا كبيرًا؛ فقد نصَّ عليها كل دين أُنزِل من عند الله، وحرص عليها كلُّ عابد صادق؛ لكنه مع انحراف الدين تخرُج الأمور عن أطرها ومقاصدها، واليهودية والنصرانية انحرف بهما أهلوهما حتى خرجتا من الإيمان والإسلام إلى الكفر والإلحاد، فلم يعودوا يعبدون الله تعالى.. عرفوه أم لم يعرفوه؛ فمن اليهود من عبد العجل، ومنهم من قال في العُزَيْر مقالة النصارى في المسيح S من أنه ابن الله، تعالى الله عما يصفون، والنصارى عبدوا ثلاثة أقانيم.

فأين تكمن المحبة الإلهية في هذا الإله، أو هذه الآلهة التي يعبدونها من دون الله؟! وكيف لمن لا يعرف الله أن يعرف محبته العبادَ بتفصيلاتها الكثيرة؟!!

من أجل ذلك لم تتحقق في اليهود والنصارى موجباتُ محبَّة الله لهم، ووجدت فيهم موانعُها؛ من الكفر، واستحلال الربا، والظلم، والخيانة، وغيرها. وانتفت عنهم أسبابها من اتباع الأنبياء، بل كذبوهم وقتلوهم، كما انتفى عنهم فقه آيات الله، بل كفروا بالله وبآياته. ومن ثم لم تظهر عليهم آيات تلك المحبة وكراماتها؛ فهم أهل الصغار والذلة والتيه والضياع، في حين أن الله يعز أحباءه وينصرهم ويدافع عنهم.

مع ذلك كله يتبجح اليهود والنصارى بأنهم أبناء الله وأحباؤه.. ويحكي عنهم القرآن ذلك ويرد عليهم بالدليل القاطع الدامغ.. يقول الله D عنهم: ﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَىٰ نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ ۚ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ ۖ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ ۚ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ ۚ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا ۖ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ ﴾ [المائدة: ١٨].

دعوى مجرَّدة كذَّبها الله وكذَّبهم. قال المفسرون: إن «الابن» في لغة بني إسرائيل هو الحبيب، فلم يريدوا البنوة الحقيقية؛ لأن مذهبهم معروف وليس فيه هذا، إلا مذهب النصارى في المسيح وبعض اليهود في العزير.. قال تعالى: ﴿ وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ۖ ذَٰلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ ۖ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ ۚ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ ۚ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ﴾ [التوبة: ٣٠].

ومعنى قولهم: ﴿نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ ۚ﴾ [المائدة: 18]؛ أي: نحن منتسبون إلى أنبيائه، وهم بنوه وله بهم عناية، وهو يحبُّنا. ونقلوا عن كتابهم أن الله قال لعبده إسرائيل: «أنت ابني بِكري»؛ فحملوا هذا على غير تأويله وحرَّفوه، وقد رد عليهم غير واحد ممن أسلم من عقلائهم، وقالوا: هذا يطلق عندهم على التشريف والإكرام، كما نقل النصارى عن كتابهم أن عيسى قال لهم: «إني ذاهب إلى أبي وأبيكم»، يعني: ربي وربّكم. ومعلوم أنهم لم يدَّعوا لأنفسهم من البنوة ما ادعوها في عيسى S، وإنما أرادوا بذلك معزتهم لديه وحُظوتهم عنده، ولهذا قالوا: ﴿نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ ۚ﴾([3]).

بل إن قدماء بني إسرائيل عبدوا الكواكب والزهرة وقرَّبوا لها القرابين، وقد أخبر الله بذلك نبيه أرميا في نبوته؛ فقام فيهم ووعظهم وخوفهم بأس الله وسرعة بطشه، وذكرهم بأيام الله؛ فتواثب عليه الشعب وقالوا: إنا لا ندع السجود للزهرة والكواكب، وهموا بقتله. وقد عبدوا العجل أيام موسى. ومنهم طائفة مشبهة مجسمة يعتقدون أن خالقهم في صورة شيخ أبيض الرأس واللحية، ويزعمون أن له في السماء الثالثة خليفةً يسمونه «الله الأصغر» -تعالى الله عن وصفهم وإفكهم- ويزعمون أنه مدبر العالم.

ومنهم من اعتقد أن لله تعالى مضادًّا من خلقه يضادُّه، وهو فاعل الشر، غير أنه مخلوق من خلقه. ومنهم من اعتقد أن الله لم يخلق العالم، بل خلقه ملَك أقدره الله على ذلك، وهذا هو الذي كلَّم موسى وفلق البحر. ومنهم الذين عبدوا بَعْلًا، وقربوا القرابين لنجوم السماء.

ومنهم من اعتقد أن الله جل وعلا نزل إلى صرح النمرود ليهدمه ويحول بينه وبين إتمامه، وإلى الجَنة ليكلم آدم، وإلى الأرض ليكلم موسى -عليهما السلام-([4]). إلى غير ذلك من التُّرَّهات التي أقل ما فيها أنهم لم يعرفوا الله E، ولم يقدروه حق قدره؛ فكيف يعرفون محبَّتَه عبادَهُ بموانعها وأسبابها وآثارها؟!

وهكذا يخرج أهل الملل والنحل الباطلة بالتحريف؛ كاليهود والنصارى، ومن باب أولى أهل الملل الباطلة بالوضع من غير تنـزيل؛ كالمشركين عباد الأوثان.. يخرجون من محبة رب العالمين كما خرجوا من دينه ودين رسله -عليهم السلام-؛ فيمنعهم المانع الأول من محبة الله العباد، ألا وهو الكفر -نعوذ بالله منه- ويرد الله عليهم دعواهم محبته إياهم بقوله تعالى -في الآية نفسها-:﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَىٰ نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ ۚ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ ۖ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ ۚ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ ۚ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا ۖ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ ﴾ [المائدة: ١٨].

وفيها هذه الردود:

1- قوله تعالى: ﴿ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ﴾؛ أي: لو كنتم أبناءه وأحباءه، كما تدَّعون، فلم أعدَّ لكم نار جهنم على كفركم وكذبكم وافترائكم؟! وقد قال بعض شيوخ الصوفية لبعض الفقهاء: أين تجدُ في القرآن أن الحبيب لا يعذب حبيبه؟ فلم يردَّ عليه؛ فتلا عليه الصوفي هذه الآية: ﴿ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ﴾([5]).

وهذا الذي قاله حسن، وله شاهد في المسند.. عن أنس قال: مرَّ النبي ﷺ في نفر من أصحابه، وصبيٌّ في الطريق، فلما رأت أمُّه القوم خشيت على ولدها أن يُوطأ، فأقبلت تسعى وتقول: ابني ابني! وسعت فأخذته، فقال القوم: يا رسولَ الله! ما كانت هذه لتلقي ابنها في النار. قال: فخفَّضهم النبي ﷺ فقال: «لا، والله ما يلقي حبيبه في النار»([6]). فلو كنتم أحبابه ما عذبكم؛ لكون الله لا يحب إلا من قام بمراضِيهِ([7]).

2- قوله تعالى: ﴿ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ﴾ تجري عليكم أحكام الفضل والعدل([8])؛ أي: لكم أسوة أمثالكم من بني آدم، وهو تعالى الحاكم في جميع عباده ﴿ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ﴾([9]). أي: أنتم بشر كسائر الناس، وهو سبحانه الحاكم في جميع عباده([10]). بل إنهم بعدما كفروا أصبحوا من أبعد الناس بعدما كانوا فُضِّلوا على العالمين.

3- قوله تعالى: ﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَىٰ نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ ۚ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ ۖ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ ۚ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ ۚ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا ۖ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ ﴾ [المائدة: ١٨] إذا أتوا بأسباب المغفرة أو أسباب العذاب([11])؛ أي: هو فعَّال لما يريد، لا معقِّبَ لحكمه وهو سريع الحساب([12]).

4- قوله تعالى: ﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَىٰ نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ ۚ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ ۖ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ ۚ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ ۚ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا ۖ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ﴾ [المائدة: ١٨]؛ أي الجميع ملكه وتحت قهره وسلطانه([13]).

5- قوله تعالى: ﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَىٰ نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ ۚ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ ۖ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ ۚ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ ۚ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا ۖ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ﴾ [المائدة: ١٨]؛ أي: المرجع والمآب إليه، فيحكم في عباده بما يشاء، وهو العادل الذي لا يجور([14]).

أي: فأي شيء خصَّكم بهذه الفضيلة، وأنتم من جملة المماليك، ومن جملة من يرجع إلى الله في الدار الآخرة؛ فيجازيكم بأعمالكم؟!([15]).

فهؤلاء جملة من أعداء الله تعالى ادعوا محبتَه إياهم، مع ردهم حكمَه، والإلحادِ في أسمائه؛ فلا يدري المرءُ أسفاهةٌ تلك أم صفاقة، أم كلتاهما جُمِعتا ورُكِّبَتا فيهم فلا يستطيعون عنها انفكاكًا، ولا منها خلاصًا!!


(1) «إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة» لأبي العباس شهاب الدين أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل بن سليم بن قايماز بن عثمان البوصيري الكناني الشافعي (المتوفى 840هـ) تقديم: فضيلة الشيخ الدكتور أحمد معبد عبد الكريم تحقيق: دار المشكاة للبحث العلمي، بإشراف أبي تميم ياسر بن إبراهيم ط1 دار الوطن للنشر - الرياض 1420هـ.


(2) «الإتحافات السنية بالأحاديث القدسية» لزين الدين محمد المدعو بعبد الرءوف بن تاج العارفين بن علي بن زين العابدين الحدادي ثم المناوي القاهري (المتوفى 1031هـ) شرحه محمد منير بن عبده أغا النقلي الدمشقي الأزهري (المتوفى 1367هـ) باسم «النفحات السلفية بشرح الأحاديث القدسية» تحقيق: عبد القادر الأرنؤوط - طالب عواد ط. دار ابن كثير - دمشق وبيروت (د. ت).


(3) «الآحاد والمثاني» لأبي بكر بن أبي عاصم، وهو أحمد بن عمرو بن الضحاك بن مخلد الشيباني (المتوفى 287هـ) تحقيق د. باسم فيصل أحمد الجوابرة ط1 دار الراية - الرياض 1411هـ.


(4) «الأحاديث المختارة» أو «المستخرج من الأحاديث المختارة مما لم يخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما» لأبي عبد الله ضياء الدين محمد بن عبد الواحد المقدسي (المتوفى 643هـ) تحقيق: معالي الأستاذ الدكتور عبد الملك بن عبد الله بن دهيش ط3 دار خضر للطباعة والنشر والتوزيع - بيروت 1420هـ.


(5) «أحكام القرآن» لإلكيا الهراس (المتوفى 504هـ) تحقيق: موسى محمد علي، وعزة عبد عطية ط2 دار الكتب العلمية- بيروت (د. ت).


(6) «أحكام القرآن» للقاضي أبي بكر محمد بن عبد الله بن العربي المعافري الأشبيلي المالكي، راجع أصوله وخرج أحاديثه وعلَّق عليه: محمد عبد القادر عطا ط3 دار الكتب العلمية - بيروت 1424هـ.


(7) «الإحكام في أصول الأحكام» لأبي الحسن الآمدي تحقيق: عبد الرزاق عفيفي، المكتب الإسلامي - بيروت ودمشق (د. ت).


(8) «إحياء علوم الدين» لأبي حامد محمد بن محمد الغزالي الطوسي (المتوفى 505هـ) ط. دار المعرفة - بيروت (د. ت).


(9) «الأخوة الإيمانية» للدكتور سعيد عبد العظيم ط. دار الإيمان بالإسكندرية (د. ت).


(10) «أدب الإملاء والاستملاء» لعبد الكريم بن محمد بن منصور التميمي السمعاني المروزي أبي سعد (المتوفى 562هـ) تحقيق: ماكس فيسفيلر ط1 دار الكتب العلمية - بيروت 1401هـ.


(11) «الأدب المفرد بالتعليقات» لمحمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة البخاري أبي عبد الله (المتوفى 256هـ) تحقيق: سمير بن أمين الزهيري، مستفيدًا من تخريجات وتعليقات العلامة الشيخ المحدث: محمد ناصر الدين الألباني ط1 مكتبة المعارف للنشر والتوزيع - الرياض 1419هـ.


(12) «الأربعين الصغري» لأحمد بن الحسين بن علي بن موسى الخُسْرَوْجِردي الخراساني أبي بكر البيهقي (المتوفى 458هـ) تحقيق: أبي إسحاق الحويني الأثري ط1 دار الكتاب العربي 1408هـ.


(13) «الأربعين النووية» لأبي زكريا محيي الدين النووي (المتوفى 676هـ) تحقيق: قصي محمد نورس الحلاق وأنور بن أبي بكر الشيخي ط1 دار المنهاج للنشر والتوزيع (ط. ت).


(14) «إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم» لأبي السعود العمادي محمد بن محمد بن مصطفى (المتوفى 982هـ) ط. دار إحياء التراث العربي - بيروت (د. ت).


(15) «إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل» لمحمد ناصر الدين الألباني (المتوفى 1420هـ) تحقيق: زهير الشاويش ط2 المكتب الإسلامي - بيروت 1405هـ.


تواصل مع فريق عمل أثر بالضغط هنا.